ادباء من ليبيا الحلقه الثالثه(راشد الهوني )

--------------------------------------------------------------------------------



رشاد الهوني




ولد رشاد الهونى في اليوم الأخير من العام 1937 في طنطا بمصر لأسرة ليبية هاجرت اثر الاحتلال الايطالي لليبيا.. تعود الأسرة عقب وفاة والده عام 1946 بعد عامين للأقامة بمدينة بنغازي..عام 1954 يبدأ رشاد حياته العملية بالعمل في بلدية بنغازي .
* ينشر إنتاجه الشعري الأول في مجلة النور عام 1957، أما أولى قصصه ( الأرض ) ينشرها عام 1961 في مجلة الإذاعة الليبية وتفوز بجائرة أدبية, يوالي نشر قصائده وقصصه بمجلة الإذاعة
عام 1964 يصدر شقيقه محمد بشير الهونى صحيفة الحقيقة التي يبدأ رشاد بنشر قصائده وقصصه ومقالاته وتحرير بابه الأسبوعي ( من يوم ليوم ) فيها.
* عام 1966 تبدأ صحيفة الحقيقة في الصدور اليومي، ويصبح رشاد شريكاً في الصحيفة ومديرا لتحريرها..
* عقب توقف الصحيفة عن الصدور أقام رشاد في بيروت وأصدر مع الصادق النيهوم عن دار الشورى سلسلة ( مكتبة في كل بيت ) وعند اندلاع الحرب الأهلية في لبنان ينتقل إلى لندن ويقيم هناك ويعمل في ال: B.B.C .
* فى عام 1977م يؤسس ويصدر صحيفة العرب في لندن ويترك العمل بها سنة 1979م ، وينتقل للإقامة في القاهرة .
* عام 1983م يعود إلى بنغازي ويشارك في بعض الأعمال الحرة .
* في فجر السبت 2/10/1993م توفي رشاد الهونى ودفن عصر نفس اليوم في مقبرة الهواري بمدينة بنغازي ..
احتوى الكتاب – في قسمه الثاني- على مجموعة من الكلمات- الشهادات لعدد من أصدقاءه وزملائه..كانت الكلمة- الشهادة الأولى لزوجته التي قدمت شهادة وفاء زوجة لزوجها عاشت معه أكثر من ربع قرن وقاسمته معاناته وجهده في مسيرته الحياتية والمهنية .. تختتم السيدة حميدة شهادتها بمقطع يوضح معنى الوفاء :
{ .. رحل رشاد .. لكنه ترك ارثا.. من صيت عطر .. وسيرة محمودة.. ولطالما تمنيت أن يصدق ورثته .. إن رشاد لم يترك لنا الكثير الذي يطنونه .. لكنه ترك لنا ارثا آخر لايستطيعون منازعتي فيه .. ولا سلبه منى .. ذلك هو هؤلاء الأصدقاء .. والأبناء من مريديه ومحبيه .. وتلاميذه..المنتشرين في بلاد الله الواسعة.. هؤلاء هم الأرث الحقيقي الذي احرص عليه وافخر به .
فنم قرير العين.. ياسيدى ومعلمي ، وكما كتب عليك في حياتك.. ها نحن في غيابك نجنى ثمار زرعك الخير .. وعطائك الوفير.. }
كما وجه الأستاذ سالم قنيبر – صديق رشاد – رسائل إليه قال في أحداها :
( .. الكتابة إليك أخي رشاد .. بقدر إمتاع التواصل الذي ينعش النفس ويسرها ، إلا أن طريقها يظل غير ممهد وتعترضه بعض من الأشواك .. والكتابة عنك وعن الحقيقة هي كذلك لا يخلو سبيل الوصول إليها من الكثير من الأشواك ، ولكن اى المشارب تلك الصافية المكتملة النقاء ؟ ممتع أن تسلك الطريق الوعر وان تصعد هضابه وتجوب دروبه وتعبر أزقته، لكنه من غير الممتع أن يمتلئ صدرك بالغبار الخانق المتصاعد من أحيائه . )
كما احتوى – هذا القسم- على كلمات- شهادات لكل من الصحفي اللبناني المعروف- الذي اشتغل بصحيفة الحقيقة لفترة - سمير عطا الله والدكتور محمد احمد وريث في كلمات مختصره وعجلى.. وابوبكر الهونى في ذكرى رشاد.. والشاعر عبد الرزاق الماعزي عن شئ من العرفان ، والفنان التشكيلي المصري حسن فؤاد ، والصحفي الفلسطيني - الذي اشتغل هو الأخر مع رشاد في صحيفة الحقيقة في بنغازي وفى صحيفة العرب في لندن - بكر عويضة الذي قال: { الذين يعرفون رشاد بشير الهونى معرفة حقه لن يجدوا جديداً في أن أقدمه بكلمات موجزة : انه صحافي عربي من ليبيا أحب مهنة الصحافة حد العشق ، وتطرف في الولاء لحريتها واستقلاليتها حد القبول بالانسحاب اختياراً من مجرابها } ..

* * *

القسم الثالث من الكتاب احتوى على ( 18 ) ثمانية عشرة قصيدة لرشاد الهونى نشرت له على مدار عشر سنوات بداية من عام 1957م إلى عام 1966م .. إذا استثنينا القصيدة الأولى { الى أخي في الجزائر } وهى تتناول قضيتي الجزائر وفلسطين ، فإن باقي القصائد يغلب عليها الطابع العاطفي الرومانسي ، ومن أجواءها :

خففي مـن خطـوك الساهي وابعثـيها

نظرة تجتاح عمري لاتخافى .. وأرسليها

لاتخافى همسة الحساد فينا .. وامنحيها

ساهرات الليل أعيننا دموع الليل فيـها

أنا مظلوم وحبي لك شكوى أنصفيـهـا

( مقطع من قصيدة نظرة )
1964
* * *
كتب رشاد أيضا القصة – وهى التي أخذته من الشعر – واحتوى القسم الرابع – قصص وحكايات- على أربعة عشرة قصة وحكاية .
تغلب – الواقعية – على قصص رشاد ويستمد مضامينه في الغالب من الحياة ومن الواقع الذي يعيشه..
كما يمتاز أسلوب القصص بالشفافية والشاعرية ..هذا المقطع الأخير من قصة {قابلت إبليس في الجنة } الفائزة بالجائزة الثالثة في مسابقة للقصة عام 1963 : { .. سقطت حبات المطر في هدوء .. ثم تحولت الى عاصفة هزت رأسي المثقل وغسلت آخر ما علق به من أفكار مخمورة ، ثم هدأ كل شئ مرة ثانية والتقت اقدامي بالطريق في خطوات ثابتة واعية ، كانت السماء قد أفرغت حمولتها وبدأت في لمعانها الرائع, وكانت نفسي قد أفرغت أحزانها وبدأت تفسح للحقيقة مكانا فيها .. وفتحت باب بيتي في هدوء حتى لا أزعج افكارى الجديدة ، ثم تجولت نظراتي في محتويات حجرتي الصغيرة وبدأت أغير وضع السرير من مكانه إلى مكان أخر .. والمنضدة الصغيرة حملت من فوقها بقايا سهرتنا وجمعت المقاعد من كل جهة لأضعها في مكانها الطبيعي حول المنضدة وأخرجت كل القاذورات إلى خارج الحجرة قبل أن اخلع ملابسي واسترخي فوق السرير في راحة, فبعد ساعتين سيكون هناك يوم حقيقي يحتاج إلى الكفاح .. ولن تكون هناك حرب عالمية أخرج منها بشيء أغير به مصيري، أولا اخرج منها على الإطلاق.. الشيء الحقيقي .. هو اننى لن أعود إلى لقاء إبليس مرة ثانية ..حتى في جهنم .. } ..
{ قصة : قابلت إبليس في الجنة / 1963 }
* * *
نصيب الأسد في - الكتاب – كان للمقالة التي سرقت رشاد الهونى من الشعر والقصة ..

احتوى القسم الخامس – ما قبل الأخير – على أكثر من ستين مقالة نشر اغلبها في صحيفة الحقيقة وبعضها في صحيفة العرب..

عام 1965م كتب رشاد الهونى مقالة في صحيفة الحقيقة تحت اسم { البريقة مدينة أمريكية } تسببت في فصله من عمله بشركة ( اسّو ) مما اضطره للجوء إلى المحاكم التي قضت في النهاية ببطلان قرار فصله وتعويضه بسبب هذا القرار الجائر ..
تتحدث المقالة عن حالة العمال الليبيين في مدينة البريقة النفطية .
هذه المقالة – القنبلة هزت عرش شركة ( اسّو ) وهذه مقاطع منها :
{ وفى البريقة اليوم استطاعت القرية الصغيرة أن تأخذ شكل المدينة.. وبنيت فيها المدرسة , وبنيت فيها المنازل العائلية ، وهى في طريقها إلى أن تشتمل على كل الضروريات التي ترضي الرجل ، ولكنه ليس الرجل الليبي ، ولا المرأة الليبية ، ولا الطفل الليبي ، فلا زال هناك انفصال مرير بين الأسرة الليبية في المدينة وبين عائلها في الصحراء ,رغم أن هذا الانفصال زال بالنسبة لغير الليبيين بحيث إننا بكل سهولة نستطيع أن نقول أن البريقة لم تعد قرية ليبية ولكنها أصبحت مدينة أمريكية .
وقبل ان نتحدث عن الموضوع بتوسع ، وقبل أن ننقل الواقع هناك بحرفيته ، قبل أن يحدث هذا ، نتمنى لو تحركت لجنة من وزارة البترول والعمل ، لجنة واعية ، تفهم ، لترى حقوق الليبي كانسان له عائلة وأطفال تماما كأي امريكى ، وماذا تم في أمره ؟ وماذا حصل عليه } .. الخ...
وفى عام 1983 م ، كتب رشاد مقالة بعنوان { ذلك البيت الذي .. } ننقلها كاملة هنا – لقصرها – واعتقد إنها كانت آخر ماكتب ونشر:
{ أصبحت عملية الكتابة في هذا الزمن مخجلة ومحرجة ..
فجميع الكلمات لم يعد لها معنى ،، وكافة المواضيع تافهة وحقيرة, مادام الكاتب لا يتناول شرفه الذي ينتهك وكرامته التي تداس.. خوفاً من العصا .. أو هروبا من الجوع .
ولذلك فان فضيحتنا في لبنان علنية وصارخة ومستمرة ومع ذلك فنحن نتلهى عنها ونغمض أعيننا ونسد أذاننا آملين من الله وحده أن ينهيها بأي شكل وأي ثمن ، كما يمكن أن تنتهي أية فضيحة يجد الإنسان نفسه غارقا فيها وليس لديه ما يمكن عمله تجاهها .
انه الفساد .. واليأس والعجز .. وعدم القدرة على القول .
ان الوطن العربي يشبه ذلك البيت الذي استولى فيه الأطفال على إدارته بعد إن القوا الوالد والوالدة من إحدى نوافذه ..
عبث في الإنتاج ،، وسوء في التدبير ،، وحماقة في التخطيط ..
وعدم قدرة على حماية النفس ..
فلاشيء في موضعه الصحيح ولا أحد في مكانه المناسب ..
ولا نبوءة تحمل لنا الأمل في زوال هذه الحرب .. فمعذرة يالبنان .. } .
* * *