اليابان وألمانيا‮..‬‮ ‬أكبر منافس للاقتصاد الأمريكي

في‮ ‬كتابة السلام البارد تناول‮ " ‬جفري‮ ‬جارتن‮ " ‬في‮ ‬أحد فصوله قضية الأزمات الاقتصادية في‮ ‬مراكز القوى الاقتصادية العالمية،‮ ‬وتحليل‮ "‬جفري‮ ‬جارتن‮ " ‬لهذا الموضوع نال اهتمام الصحافة العالمية والمحللين الاستراتيجيين،‮ ‬وموضوع الأزمات الاقتصادية العالمية مرتبط بموضوع صراع الرأسمالية الألمانية والرأسمالية الأمريكية‮ ‬والرأسمالية اليابانية في‮ ‬عالم القرن الحادي‮ ‬والعشرين،‮ ‬ويناقش كتاب السلام البارد لجفري‮ ‬جارتن بموضوعية الإمكانات الاقتصادية لكل من هذه المراكز ودورها المستقبلي،‮ ‬والكاتب‮ ‬يقدم معلومات ورؤية ثابتة لمستقبل هذه الاقتصادات في‮ ‬عالم القرن الحادي‮ ‬والعشرين،‮ ‬ومما زاد من أهمية الكتاب أن الكاتب لا‮ ‬يرى الهيمنة الأمريكية ويقدم الاقتصاد الألماني‮ ‬والاقتصاد الياباني‮ ‬كاقتصاديات منافسة للاقتصاد الأمريكي‮ ‬الذي‮ ‬يعاني‮ ‬من اختلالات داخلية وخارجية عميقة‮.‬

ويرى الكاتب أن ألمانيا واليابان ستصبحان سريعاً‮ ‬أكبر مشكلة أمام مستقبل الاقتصاد الأمريكي،‮ ‬ويبدأ الكاتب مقدمته بالقول،‮ ‬إذا أردت أن تعرف شكل العالم القادم،‮ ‬لن تجد الإجابة في‮ ‬موسكو ولا في‮ ‬المفاوضات التجارية العالمية وسيتعين عليك بدلاً‮ ‬من ذلك أن تمعن النظر في‮ ‬العلاقة بين ثلاث دول مؤثرة اليوم،‮ ‬هي‮ ‬ألمانية واليابان وأمريكا‮.‬ ويتوقع جفري‮ ‬جاردن فقدان الولايات المتحدة الأمريكية لزعامة الاقتصاد العالمي‮ ‬بسبب أزماتها الاقتصادية،‮ ‬ويبدأ الكاتب تحليله بإلقاء الضوء على عوامل فقدان الولايات المتحدة الأمريكية لزعامة الاقتصاد العالمي،‮ ‬ويوضح أن هناك ثلاثة أنماط من الزعامة الاقتصادية تاريخياً‮ ‬ويبدأ بالنمط الأول هي‮ ‬حيث هيمنت دولة واحدة بمفردها على إمبراطوريات ضخمة مثل روما القديمة وبريطانيا العظمى في‮ ‬أوائل القرن العشرين،‮ ‬حيث مارست كل منهما مطلقة على مناطق شاسعة‮.‬

والنمط الثاني‮ ‬هو نمط ترتيبات توازن القوى الكلاسيكية الذي‮ ‬تعمل من خلاله ثلاث أو أربع قوى متساوية تقريباً‮ ‬في‮ ‬القوة للمحافظة على الوضع القائم‮- ‬كأوروبا في‮ ‬القرن التاسع عشر على سبيل المثال التي‮ ‬كانت تضم فرنسا وألمانيا وبريطانيا العظمى والنمسا وروسيا بين موازين القوى‮- ‬والنمط الثالث هو ترتيب القطبين‮- ‬فترة ما بين عام‮ ‬1945،‮ ‬1988،‮ ‬حين برزت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي‮ ‬من بين كل الدول الأخرى بجيوشه الضخمة واقتصادياته الكبيرة وأيديولوجياتهما المتباعدة ولم تكتفيا بالتنافس مع بعضهما البعض بل قادت كتلاً‮ ‬متخاصمة من الدول‮.‬ ولا‮ ‬يناسب أي‮ ‬من هذه الأنماط الوضع اليوم،‮ ‬وعقب انتهاء الحرب الباردة أصبحت أمريكا القوة السياسية والعسكرية الوحيدة،‮ ‬ولكنها لا تحكم أي‮ ‬إمبراطورية ولا تقف بأي‮ ‬حال في‮ ‬موقف‮ ‬يسمح لها بفرض إرادتها في‮ ‬الكثير من القضايا الاقتصادية العالمية الحيوية،‮ ‬والسبب‮: ‬أنها تواجه في‮ ‬المجالات الاقتصادية والتكنولوجية اليابان وأوروبا اللتين بدأتا تزدادان قوة وقدرة على تبني‮ ‬طريقا آخر أو على الأقل رفض المضي‮ ‬في‮ ‬نفس الطريق الاقتصادية الأمريكية‮.‬ ولا‮ ‬يوجد اليوم أي‮ ‬موقف ذي‮ ‬قطبين فقد تكون أوروبا واليابان خصمين قريبين في‮ ‬الأسواق العالمية وفي‮ ‬مناطقها الجغرافية،‮ ‬ومن المرجح أن تصبحا أكثر قوة أيضاً،‮ ‬ولكن الاعتقاد بأن أوروبا ستصبح منافساً‮ ‬اقتصادياً‮ ‬قوياً‮ ‬للولايات المتحدة ولذلك فإن الشواهد لم تعد دليلا جيداً‮ ‬حول كيفية كشف الزعامة عن نفسها في‮ ‬المستقبل،‮ ‬وسوف تنحدر أمريكا من الدولة الأولى إلى دولة بين متساويين رغم ما تتمتع به من ميزة المصادر المالية والتكنولوجية وجاذبيتها الاستثمارية ومشاركتها الدولية المتسعة‮.‬

ومن المتوقع أن تسرع أوروبا واليابان ديناميكيتهما الاقتصادية وتستخدمان صيغها الفريدة لمزج النمو والرفاهية الاجتماعية والقدرة على المنافسة كنموذج للدول الأخرى وتبرزان كزعماء جدد وقد‮ ‬يظهر نوع جديد من الترتيب الجماعي‮ ‬مثل مجلس للثلاثة الكبار الاقتصاد العالمي‮.‬ أما بشأن أسس الزعامة الاقتصادية فيقول‮ "‬جفري‮ ‬جاردن‮ " ‬إن زعامة الاقتصاد العالمي‮ ‬تستوجب وجود قوة اقتصادية واقتصاد خالٍ‮ ‬من الاختلالات،‮ ‬كما‮ ‬يتطلب الدولة الزعيمة أن تملك كميات كبيرة من المال للاقراض أو الاستثمار في‮ ‬أنحاء العالم وأن لا تعاني‮ ‬من أعباء مشكلاتها الداخلية‮- ‬مثل نسب العجز المالي‮ ‬المرتفعة والعملة المتدهورة وقوة العمل ذات الأداء السيئ كما‮ ‬يجب أن لا‮ ‬يعاني‮ ‬اقتصادها من الاضطرابات الاقتصادية ويجب أن‮ ‬يحدد أي‮ ‬زعيم أهدافه على مدى زمني‮ ‬بعيد‮.‬ ويجب أن تفهم مثل هذه الدولة أن لديها نصيبا كبيراً‮ ‬بما‮ ‬يكفي‮ ‬في‮ ‬السياسات العالمية والاقتصاد لدفع قيمة المحافظة على النظام العام،‮ ‬ومن الناحية الاقتصادية‮ ‬يعني‮ ‬دفع الثمن أن تحافظ الدولة على سوقها مفتوحة حين‮ ‬يغلقها الآخرون للسماح للتجارة العالمية بأن تظل منتعشة وأن تقدم القروض العاجلة للسماح للدول الأخرى بأن تتغلب على المصاعب الطارئة وتمنع أي‮ ‬انكماش للتجارة العالمية،‮ ‬وأن تسمح بتداول العملة الوطنية في‮ ‬السوق المالية والاستثمار في‮ ‬أنحاء العالم بحرية حتى إذا كان ذلك‮ ‬يعني‮ ‬التخلي‮ ‬عن بعض السيطرة على السياسة النقدية القومية‮.‬

ويؤكد جفري‮ ‬جاردن أنه لا تتوفر في‮ ‬الولايات المتحدة أي‮ ‬من صفات الزعامة الاقتصادية حاليا لأنها اتبعت خلال الجزء الأكبر من الثمانينيات والتسعينيات مجموعة من السياسات الاقتصادية تهدف إلى دعم النمو الأمريكي‮ ‬دون أي‮ ‬تفكير في‮ ‬العواقب بعيدة المدى على أمريكا نفسها أو أثر ذلك في‮ ‬الخارج،‮ ‬قياسه خفض الضرائب وازداد عجز الميزانية الفدرالية والمديونية الثقيلة وزيادة العجز التجاري‮ ‬من أبرز المشاكل التي‮ ‬يعاني‮ ‬منها الاقتصاد الأمريكي‮ ‬حالياً،‮ ‬إضافة إلى ما‮ ‬يعانيه الدولار الأمريكي‮ ‬من هبوط أسهم في‮ ‬هروب الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى الاقتصاد الأمريكي‮.‬

وكان رد واشنطن هو الضغط المستمر على اليابان وأوروبا من أجل فتح أسواقهما والتهديد بالانتقام إذا رفضتا ذلك،‮ ‬كما اتخذت الولايات المتحدة في‮ ‬الوقت نفسه سلسلة من الإجراءات لحماية أسواقها في‮ ‬مجالات الصلب والآلات والسيارات وأشباه المواصلات،‮ ‬كما أنها أصدرت تشريعاً‮ ‬جديداً‮ ‬للإجراءات الانتقامية من خلال سياسة تجارية أحادية،‮ ‬ولم تتمكن من اتخاذ قرار عما إذا كان‮ ‬يتعين أن ترفع سعر الدولار أو‮ ‬ينخفض بشدة وحاولت إرهاب الآخرين لمساندة السياسة التي‮ ‬توضع على أساس شهري‮.‬ أما اليابان فلا تتصف هي‮ ‬الأخرى بصفات الزعامة الاقتصادية ولم تلعب بالتأكيد دوراً‮ ‬قيادياً،‮ ‬وركزت على مصالحها الضيقة وتوسعت في‮ ‬الصادرات ونمت استثماراتها في‮ ‬الدول الأجنبية،‮ ‬ولم تتخذ مبادرة إيجابية من تلقاء نفسها وتصرفت فقط حين بلغت الضغوط الأمريكية درجة من الشدة لم تترك لها خيار الخضوع‮.‬ فعلى سبيل المثال،‮ ‬حين طلبت واشنطن من طوكيو زيادة مساهماتها في‮ ‬المعونة الخارجية فعلت طوكيو هذا تماماً،‮ ‬كما خضعت عندما طالبتها أمريكا فتح أسواقها أمام السلع الأمريكية‮.‬ أما ألمانيا فركزت على اقتصادها وزادت صادراتها وتوسعت في‮ ‬موقفها الاستثماري‮ ‬في‮ ‬أوروبا الغربية وأبقت على التضخم منخفضاً،‮ ‬وأصبحت أكثر حيوية على الساحة العالمية في‮ ‬وسط عملية الوحدة،‮ ‬كما أيدت بدرجة أكثر فعالية دعم المجموعة الأوروبية،‮ ‬ففي‮ ‬آسيا لا تشعر أية دولة بالارتياح لاحتفاظ طوكيو بدور أكثر تأثيراً‮ ‬مما تتمتع به،‮ ‬ومازالت ذكرى اليابان أثناء الحرب عالقة بالأذهان،‮ ‬وفي‮ ‬أوروبا وفي‮ ‬لندن وحتى موسكو هناك قلق عظيم بألا تتبع ألمانيا مساراً‮ ‬مستقلا أكثر مما‮ ‬يجب‮.‬

ولا تتمتع أي‮ ‬من اليابان أو ألمانيا بتاريخ زعامة سلمية وبناءة حتى قبل الحرب العالمية الثانية،‮ ‬وفي‮ ‬حين أظهرت الدولتان مواهب خاصة في‮ ‬الخروج من دمار الحرب والتمتع بوضع القوى العظمى اقتصادياً‮ ‬فقد كان لديهما الحرية في‮ ‬أن تكونا قادرتين على نسخ الأسواق الأمريكية الضخمة والتكنولوجيا الخاصة بها دون أن‮ ‬يتعين عليهما تحمل نفس نوعية الأعباء العسكرية التي‮ ‬تحملتها الولايات المتحدة‮.‬ وسيتعين أن تتمتع ألمانيا واليابان برؤى واضحة لهويتهما وما‮ ‬يريدان القيام به كي‮ ‬تصبحا زعيمتين عالميتين،‮ ‬ولم‮ ‬يكن تحديد هدفهما في‮ ‬العالم،‮ ‬مشكلة خلال الحرب الباردة لأنه كان لكل منهما دور محدد تحت المظلة الأمريكية وكان‮ ‬يتعين عليهما أن‮ ‬يبقيا قواتهما في‮ ‬الداخل ويركزا على السياسة الاقتصادية وتأييد المبادرات الأمريكية سياسياً‮ ‬ومالياً‮.‬ وأدركتا القواعد وانتعشتا باتباعها ولكن الآن تحطم النظام القديم وستظل الدولتان في‮ ‬وضع حرج لفترة قادمة‮.‬ ووسط كل هذا،‮ ‬فلن تعول اليابان وألمانيا على أمريكا لتحديد الطريق كما فعلت‮ ‬يوماً‮ ‬ما‮.‬

وفي‮ ‬المقام الأول،‮ ‬أصبحتا أكثر تصميماً‮ ‬فيما‮ ‬يتعلق بمصالحهما وفي‮ ‬المقام الثاني‮ ‬ترى حسابهم،‮ ‬إن أمريكا لم تعد مستعدة لأن تلعب دورا قويا كما في‮ ‬ضوء هذه الخلفية فإن أمريكا وألمانيا واليابان لا تتمتع كل منهما بصفات الدولة الزعيمة فما هي‮ ‬نوعية الدولة الزعيمة التي‮ ‬تكون مدينة بهذا القدر الضخم للمستثمرين والبنوك الأجنبية؟ وما هو شكل الزعامة التي‮ ‬ستكون عليها الولايات المتحدة أو اليابان أو ألمانيا إذا كانت كل منهما تفتقر لكل المحركات التي‮ ‬تملكها الدول عادة لإدارة الاقتصاد العالمي؟‮.‬
إن كافة الدلائل تشير إلى أن أمريكا لن تبقى ماسكة في‮ ‬القرن الحادي‮ ‬والعشرين بالزعامة الاقتصادية العالمية،‮ ‬وسيبرز وضع اقتصادي‮ ‬دولي‮ ‬متعدد الأقطاب تلعب فيه أوروبا دوراً‮ ‬جماعيا تعاونيا في‮ ‬إدارة الاقتصاد العالمي‮ ‬ربما تكون أهم من الدور الأمريكي‮ ‬طبقا لقواعد اللعبة الاقتصادية الجديدة،‮ ‬لذا فإن أمريكا لن تكون المسيطرة في‮ ‬القرن الحادي‮ ‬والعشرين،‮ ‬وإن قيادة العالم‮ "‬امتلاك القرن الواحد والعشرين‮" ‬ستكون ثلاثية الأبعاد وسوف تقسم الفضاء الاقتصادي‮ ‬العالمي‮ ‬إلى ثلاثة فضاءات قارية بحيث‮ ‬يسيطر كل مركز رأسمالي‮ ‬من المراكز الثلاث إلى فضاء اقتصادي‮ ‬قاري‮ ‬مستقل‮.‬
وستواجه الولايات المتحدة صعوبات في‮ ‬إحداث التغييرات اللازمة في‮ ‬سياساتها الاقتصادية بما‮ ‬يتناسب وقواعد اللعبة الاقتصادية الدولية الجديدة،‮ ‬ولا شك أن تعاظم دور اليابان والقوة الاقتصادية الجديدة لأوروبا ستجعل من المنافسة الاقتصادية للولايات المتحدة بالغة الصعوبة‮.‬ وهذه الظروف الجديدة تتطلب مؤسسات مختلفة وتعديل الإجراءات القائمة‮.‬
وإن التحول من عالم أحادي‮ ‬القطب‮ ‬يدور حول الولايات المتحدة إلى عالم متعدد القطبية‮ ‬يضم اليابان وأوروبا وأمريكا‮ ‬يتطلب إطاراً‮ ‬مؤسسيا جديداً‮ ‬وإجراءات جديدة لإدارة الاقتصاد العالمي‮ ‬لذلك فإن الإجراءات والمؤسسات التي‮ ‬صممت لعالم أحادي‮ ‬القطبية لا تصلح للعمل في‮ ‬عالم متعدد القطبية‮.‬ وفي‮ ‬المستقبل القريب ستكون الولايات المتحدة من بين اللاعبين المتكافئين في‮ ‬لعبة لن تضع قواعدها الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها،‮ ‬ومن بين الاقتصادات الرأسمالية ستكون الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي‮ ‬يتوجب عليها إجراء تغييرات كبيرة كي‮ ‬تستوعب قواعد اللعبة الاقتصادية الدولية الجديدة‮.‬ وإذا تطلعنا إلى عمق أزمنة القرن الواحد والعشرين فإننا سنشهد إدارة اقتصادية عالمية تنافسية‮- ‬تعاونية ثلاثية الأسلوب بين اليابان وأوروبا والولايات المتحدة‮.‬وبسبب الميزة النسبية سيرغم كل واحد من المتنافسين الآخرين على تعديل خطته ومساره،‮ ‬إن تحقيق الرفاهية الاقتصادية المشتركة سوف ترغم الأطراف الثلاثة لخلق اقتصاد تعاوني‮ ‬عالمي‮ ‬فاعل وبيئة كونية تسمح لهم بالبقاء والاستمتاع بما‮ ‬ينتجون‮.‬

إن الولايات المتحدة الأمريكية ستفقد موقعها العالي‮ ‬الحالي‮ ‬لذا أصرت على الاستمرار باللعبة الاقتصادية حسب قواعد القرن العشرين القديمة ولم تتمكن من استيعاب اللعبة وفق قواعد القرن الواحد والعشرين لذلك فإن فشلها‮ ‬يعود إلى عدم اعترافها بأن العالم قد تغير،‮ ‬لذلك فإن اللعبة الاقتصادية الجديدة تتضمن أسسا وقواعد جديدة لعملية التنافس لم‮ ‬يكن لها وجود في‮ ‬القرن العشرين،‮ ‬وفي‮ ‬إطار اللعبة الاقتصادية الجديدة بأنه سيكون لكل لاعب فرصة ومكان وميدان للامتياز في‮ ‬شيء ما ليس من المحتمل أن‮ ‬يتفوق أحد منفرداً‮ ‬في‮ ‬جميل الميادين كما هو قائم في‮ ‬حالة التفرد الأمريكي‮.‬

وفي‮ ‬إطار هذا الوضع قد تنشب حروب اقتصادية قارية بين الفضاءات الثلاث‮.‬
ومن المتوقع أن تتمكن اليابان من أن تقول لا للولايات المتحدة،‮ ‬فإن اليابان ستكون المنتصرة في‮ ‬بعض جوانب الحروب الاقتصادية القادمة،‮ ‬كما أن أوروبا ستحقق انتصاراً‮ ‬في‮ ‬جوانب أخرى،‮ ‬وطبقا للرؤية اليابانية والرؤية الألمانية فإن الولايات المتحدة ستكون الخاسر الوحيد في‮ ‬الحروب الاقتصادية الجديدة‮.‬ إن المستقبل سيشهد نوع جديد من المنافسة الاقتصادية،‮ ‬فلقد انتهى التنافس الاقتصادي‮ ‬بين الشيوعية والرأسمالية وسيحل محله تنافس بين نوعين من الرأسمالية أي‮ ‬بين الرأسمالية الأنجلو‮- ‬سكسونية الفردية ضد الرأسمالية الألمانية واليابانية التعاونية وسيكون لكل فضاء اقتصادي‮ ‬قاري‮ ‬استراتيجية الخاصة به فالرأسمالية الأنجلو سكسونية التي‮ ‬تتبعها كل من أمريكا وبريطاني‮ ‬تركزان على القيم الفردية في‮ ‬حين تمجد اليابان وألمانيا القيم والمسؤوليات الجماعية هذا فضلا عن أن الرأسمالية الأولى تهدف إلى تحجيم دور الحكومة في‮ ‬إدارة الأنشطة الاقتصادية في‮ ‬حين ترى الرأسمالية الجماعية إن للحكومة دور أساسي‮ ‬يجب أن لا‮ ‬يغيب في‮ ‬إدارة الأنشطة الاقتصادية،‮ ‬أي‮ ‬أن أوروبا واليابان مؤمنتان بأن للحكومة دوراً‮ ‬مهماً‮ ‬يجب أن تلعبه في‮ ‬مجال النمو الاقتصادي‮ ‬على عكس العقيدة الأمريكية التي‮ ‬لا ترى مثل هذا الدور‮.‬

وستنطلق استراتيجية الولايات المتحدة التكنولوجية من التركيز على تكنولوجية الإنتاج،‮ ‬في‮ ‬حين أن اليابان ستركز على استراتيجية منطلقة من تكنولوجية العمليات أما أوروبا فسوف تنطلق من مقومات تكاملها الاقتصادي‮.‬ ويؤكد البعض أن قواعد إدارة الاقتصاد العالمي‮ ‬سيتم تصحيحها في‮ ‬أوروبا واليابان لأنهم الذين سيكتبون قواعد هذه الإدارة،‮ ‬لا شك أن حائط أمريكا الاقتصادي‮ ‬بدأ‮ ‬يتصدع ويتشقق بسبب النجاحات في‮ ‬بقية دول العالم،‮ ‬فإن الولايات المتحدة قد تخلفت في‮ ‬عد من المجالات رغم كبر وزنها الاقتصادي‮ ‬وحيوية أدواتها،‮ ‬ولن‮ ‬يكون من السهولة على الولايات المتحدة بلوغ‮ ‬مستويات الإنتاجية في‮ ‬ألمانيا وفي‮ ‬اليابان‮.‬ وسوف لن تستمر الولايات المتحدة كما كانت الإنتاجية في‮ ‬ألمانيا وفي‮ ‬اليابان‮.‬
وسوف لن تستمر الولايات المتحدة كما كانت في‮ ‬القرن العشرين في‮ ‬قيادة الإبداع العالمي‮ ‬والمحرك الأول للاقتصاد العالمي‮ ‬بينما كانت اليابان وأوروبا توابع تكتفي‮ ‬بردود الأفعال،‮ ‬وفي‮ ‬القرن الواحد والعشرين فستنعكس الصورة وتتوقف نجاح الولايات المتحدة على قدرتها على أن تلعب اللعبة الاقتصادية الجديدة حسب القواعد التي‮ ‬سيمليها الأوروبيون واليابنيون في‮ ‬الغالب‮.‬

إلا أن قوة اليابان قد تكون مصدراً‮ ‬من مصادر ضعفها في‮ ‬نفس الوقت فقواعد اللعبة الجديدة التي‮ ‬ستفرض جو تنافسيا تعاونيا‮ ‬يحتاج إلى دمج الثقافات والقوميات وقد‮ ‬يكون أصعب على اليابان منه على أي‮ ‬دولة أخرى،‮ ‬هذا فضلا عن كون الاقتصاد الياباني‮ ‬بكل نجاحاته مبني‮ ‬على قوة التصديد والأسواق الخارجية ويرى الكاتب إن استراتيجية التصدير لن تكون في‮ ‬المستقبل هي‮ ‬الطريق للنجاح بالنسبة لليابان،‮ ‬إن بقية العالم سوف لن‮ ‬يسمح لليابان أن تستمر في‮ ‬غزو الأسواق كما تشاء وبذلك‮ ‬ينهي‮ ‬الكاتب هذه المنافسة بتوجيه السؤال التالي‮ ‬هل تستطيع اليابان أن تتحول في‮ ‬تركيزها من التوجه إلى اقتصاد التصدير ذي‮ ‬القاعدة المحلية؟‮.‬

أما عن أوروبا مع إن كانت أكثر المتحركين بطئا في‮ ‬الثمانينات فقد بدأت من التسعينيات وهي‮ ‬في‮ ‬أقوى وضع استراتيجي‮ ‬على رقعة الشطرنج الاقتصادي‮ ‬الدولي‮.‬
إذا تمكنت أوروبا من معرفة الحركات الصحية لتكون الرابحة مهما فعل الآخرون وستصبح القوة الاقتصادية المهيمنة في‮ ‬القرن الواحد والعشرين بغض النظر عما‮ ‬يفعله اليابانيون أو الأمريكيون،‮ ‬ويستدرك الكالتب إن هذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أن أوروبا ستكسب المعركة الاقتصادية القادمة ولكنها مؤهلة للكسب إذ هي‮ ‬تمكنت أن تقوم بالتنقلات الصحيحة المطلوبة على رقعة الشطرنج الاقتصادي‮ ‬الدولي‮ ‬خاصة بناء المنطقة الاقتصادية الأوروبية الواحدة‮.‬ أما بشأن الولايات المتحدة الأمريكية فإنها دخلت القرن الجديد وهي‮ ‬تمتلك مقومات اقتصادية حقيقة واقعية أكثر من أي‮ ‬تنافس،‮ ‬ولكن الولايات المتحدة بعثرت إمكانياتها وقوتها الاقتصادية وسمحت لنفسها بإدارة مجتمع مبني‮ ‬على الاستثمار العالمي‮ ‬والادخار الأقل مما فاقم حالة المديونية الوطنية ولهذا كله فهي‮ ‬أقل المتنافسين استعداداً‮ ‬لخوض المعركة الاقتصادية في‮ ‬القرن الواحد والعشرين في‮ ‬حالتها هذه‮.‬

وربما تكون الخاسر الأساسي‮ ‬في‮ ‬اللعبة الجديدة،‮ ‬إن مشكلة أمريكا وعلى حد قول المستشار الاقتصادي‮ ‬للرئيس الفرنسي‮ ‬الأسبق ومحافظ المصرف الأوروبي‮ ‬للبناء والتطوير تكمن في‮ ‬أن الأمريكيين‮ ‬يرفضون تصديق أنهم بدأوا‮ ‬يتخلفون عن أكثر دول العالم الصناعية تقدماً‮ ‬وبسبب هذا الرفض فإنهم لا‮ ‬يرغبون في‮ ‬إحداث التغييرات الضرورية للبقاء في‮ ‬المنافسة ولا‮ ‬يستطيع أحد أن‮ ‬يحل لهم مشكلتهم فهم أنفسهم‮ ‬غير قادرين على رؤيتها،‮ ‬وقد‮ ‬يكون العالم على صواب في‮ ‬تحميلب لولايات المتحدة مسؤولية الخلل في‮ ‬الاقتصاد العالمي‮ ‬ولابد من الانتظار حتى‮ ‬يقول التاريخ كلمته بحق الاقتصاد الأمريكي‮ ‬الذي‮ ‬ينمو ويزدهر على حساب الآخرين ونقل أزماته إلى دول العالم الباقية،‮ ‬ولن‮ ‬يكون بوسع أمريكا المعيش برغد على حساب مدخرات العالم وسيصاب اقتصادها بانتكاسة عالمية أشد تأثير وقوة من أزمة الثلاثينيات في‮ ‬القرن الماضي‮

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

شومنا

الشكر لله اختى الفاضلة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

احسنت

سلمت يمناك

الله يسلمك اخى الكريم

البدو

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

بنت الاجواد

الشكر لله اختى الكريمة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

امير الغربة

الشكر لله اخى الكريم

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» صندوق النقد يتوقع أسوء أداء للاقتصاد العالمي منذ 60 عاما
» لقضاء الأمريكي
» نوكيا n 97 الجديد كليا-منافس وبالاسواق
» اغلاق جزئي للاقتصاد المكسيكي بسبب انفلونزا الخنازير
» صندوق النقد يستبعد حدوث انتكاسة جديدة للاقتصاد العالمي