(( أحكام الأَيمان )) و (( كفَّارة اليمين ))للشيخ صالح الفوزان حفظه الله

أحكام الأَيْمان
ــــــــــ


قال فضيلة الشيخ الدكتو صالح الفوزان حفظه الله :



الأيمان جمع يمين ، واليمين : توكيد الحكم بذكرِ معظَّمٍ على وجهٍ مخصوص ...


واليمين التي تجب بها الكفارة
هي اليمين التي يُحلف فيها باسم الله أو بصفة من صفاته ... أو بالمصحف



والحلف بغير الله تعالى محرَّم ، وهو شرك ...


كأن يقول : والنبيِّ ، وحياتك ، والأمانة ، والكعبة ... وما أشبه ذلك
قال ابن عبد البرِّ : ( وهذا أمر مُجمع عليه ) ...


ــــــــــ

ويشترط لوجوب الكفَّارة إذا حلف بالله ثم نقض اليمين ثلاثة شروط :



الشرط الأوَّل :
أن تكون اليمين منعقدة
بأن يقصد الحالف عقدها على أمر مستقبل ممكن ...
لكن إذا حلف على أمر ماض كاذباً متعمِّداً ؛ فهي اليمين الغموس
لأنّها تغمسه في الإثم ، ثم في النار ، ولا كفَّارة فيها
لأنَّها أعظم من أن تكفَّر ، وهي من الكبائر




وإذا تلفظ باليمين بدون قصد لها
كما لو قال : لا والله ، وبلى والله ... فهو لغو ، لا كفارة فيه
لقوله تعالى : (( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم )) ...




وكذا لو حلف عن قصد يظنُّ صدق نفسه فبان بخلافه ...

ـــــــــــ


الشرط الثاني :



أن يحلف مُختاراً
فإن حلف مُكرهاً ؛ لم تنعقد يمينة ...



ـــــــــــ


الشرط الثالث :

أن يحنث فيها
بأن يفعل ما حلف على تركه ، أو يترك ما حلف على فعله
مختاراً ذاكراً ليمينه ، فإذا حنث ناسياً ليمينه أو مكرهاً
فلا كفّارة عليه ، لأنّه لا إثم عليه ؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم - :
(( عُفِيَ لأمتي عن الخطأ و النسيان وما استكرهوا عليه ))




وإن استثنى في يمينه
كما لو قال : والله لأفعلنَّ كذا إن شاء الله
لم يحنث في يمينه إذا نقضها ، بشرط أن يقصد الاستثناء متَّصِلاً باليمين
لفظاً أو حكماً ؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم –
(( من حلف فقال : إن شاء الله ؛ لم يحنث )) ...




فإن لم يقصد الاستثناء
بل قصد بقوله : ( إن شاء الله ) مجرَّد التبرك بهذا اللفظ لا التعليق
أو لم يقل : إن شاء الله ؛ إلا بعد مُضيَّ وقت انتهاء التلفظ باليمين ؛ من غير عذر
لم ينفعه هذا الاستثناء ، وقيل ينفعه ... فقال شيخ الاسلام : (( وهو الصواب ))




ـــــــــــــ


ونقض اليمين
تارة يكون واجباً ، وتارة يكون محرَّماً ، وتارة يكون مباحاً




فيجب نقض اليمين
إذا حلف على ترك واجب ... أو حلف على فعل محرَّم ...



وقد يحرم نقض اليمين
كما لو حلف على ترك محرّم أو فعل واجب
فإنّه يجب عليه الوفاء باليمين ، ولا يجوز له نقضها




ويباح نقض اليمين
فيما إذا حلف على فعل مباح أو على تركه ...




ومن حرم على نفسه شيئاً مُباحاً سوى زوجته كالطعام
...
فإنَّه لا يحرم عليه ؛ فله تناوله ، ويكون عليه كفّارة يمين ؛ لقوله تعالى :
(( يأيها النبي لم تحرم مآ أحلّ الله لك تبتغي مرضات أزواجك ...)) ...
إلى قوله تعالى : (( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم )) أي : التكفير عن تحريم الحلال





أمَّا لو حرم زوجته ؛ فإنّ ذالك يعتبر ظِهاراً
تجب فيه كفَّارة الظهار ، ولا تكفي فيه كفَّارة اليمين



ـــــــــــــــ


ومما يجب التنبيه عليه ... حكم الحلف بملَّة غير الإسلام



كما لو قال : هو يهوديٌّ او نصرانيٌّ إن فعل كذا وكذا أو إن لم يفعله
وهذا من الألفاظ البغيضة ؛ فهذا محرَّم شديد التحريم
لِما في الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :
(( من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمِّداً ؛ فهو كما قال )) ...

كفَّارة اليمين
ـــــــــــ


قال فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان حفظه الله :


من رحمة الله بعباده أن شرع لهم الكفّارة التي بها تحلَّة اليمين...

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا حلفت على يمين ، فرأيت غيرها خيراً منها ؛ فأت الذي هو خير ، وكفر عن يمينك )


وكفَّارة اليمين فيها تخيير وفيها ترتيب


فيخيَّر من لزمته بين :

إطعام عشرة مساكين لكلِّ مسكين نصف صاع من الطعام
أو كسوة عشرة مساكين لكلِّ واحد منهم ثوب يجزئه في صلاته
أو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب
فمن لم يجد شيئاً من هذه الثلاثة المذكورة ؛ صام ثلاثة أيّام


فتبين من هذا التفصيل أنَّ كفَّارة اليمين تجمع تخييراً وترتيباً
تخييراً بين الإطعام والكسوة والعتق وترتيبها بين ذلك وبين الصيام ...


واشترط الجمهور في صيام ثلاثة الأيام أن تكون متتابعة
لقراءة عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه فصيام ثلاثة أيَّام متتابعات )



وهنا يغلط كثير من العوامِّ ، فيظنون أنَّهم مخيَّرون بين الصيام وبين بقيَّة خصال الكفَّارة

فيصمون ، مع قدرتهم على الإطعام أو الكسوة

والصيام في هذه الحالة لا يجزئهم ولا يبرىء ذمَّتهم من كفَّارة اليمين

لأنّه لا يجزىء إلا عند العجز عن الإطعام أو الكسوة أو العتق

فيجب التنبُّه والتنبيه لمثل هذا الأمر


* ويجوز تقديم الكفارة على الحنث ، ويجوز تأخيرها عنه
فإن قدَّمها كانت محلِّلة لليمين ، وإن أخَّرها ؛ كانت مكفِّرة له ...


* ومن السنَّة ومن حقِّ الأخ على أخيه المسلم إبرار قسمه إذا أقسمه عليه ...


* وإن كرَّر الأيمان قبل التكفير على فعل واحد ، موجبها واحد ثم حنث فيها
فعليه كفارة واحده


* وكذا لو حلف يميناً واحد على عدَّة أشياء ... ثم حنث في أحد من هذه الأشياء
فعليه كفارة واحده ، وانحلّت البقية ؛ لأنَّها يمين واحدة


* أما إذا حلف عدَّة أيمان على عدَّة أفعال ، ثم حنث فيها فعليه كفَّارة لكلِّ يمين ...


* وإن حلف لا يفعل شيئاً ، ففعله ناسياً أو مكرهاً أو جاهلا أنَّه المحلوف عليه
لم يحنث ، ولم تجب عليه كفارة ...




... ومما يجب التنبيه عليه أنّ بعض الناس إذا حلف
يحتال على مخالفة اليمين ، ويظنُّ أنه بهذه الحيلة يسلم من تَبِعَةِ اليمين




وقد نبه الإمام ابن القيم رحمه الله على ذلك بقوله :
( ومن الحيل الباطلة : لو حلف لا يأكل هذا الرغيف ...
قالوا : يأكل الرغيف ويدع منه لقمة واحدة ... وهذه حيلة باطلة باردة
ومتى فعل ذلك ؛ فقد أتى بحقيقة الحنث ؛ وفعل نفس ما حلف عليه ...) ...





ومن الناس من يحلف على عدم فعل شىء ، ثم يوكّل من يفعله بدلاً عنه
وهذا من الحيل التي لا تُبريء ذمَّته من تبعة اليمين
إلا إذا كان قاصداً عدم مباشرة فعل الشيء بنفسه ؛ فله ما نوى





وعلى كل حال ؛ فشأن الأيمان شأن عظيم
لا يجوز التساهل به ، ولا الاحتيال للتخلُّص من حكمه



ــــــــــ

المُلخَّص الفقهىُّ
لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
مع الاختصار
منقووول

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك