لحــظة التعاطي

زائر

لا يشُطّنَّ بك الخيالُ بعيداً فمعيار ومفهوم التعاطي يختلف ويتباين بين الناس
ألحالة التي تنتابُ الأديب لحظة الكتابة وما يتخللها من انفعالاته الداخلية تأثراً بالحبكة الأدبية للنص
الذي بين يديه أشبه ما تكون بالطقوس و الأجواء التي يمر بها المدمن لحظة التعاطي,
فالتعاطي أيها السّادةُ أحد العوامل المشتركة بين الناس في هذه الحياة.
هذا يتعاط الكتابة وذاك يتعاط الخمر و أخر يتعاط التجارة و الخ.الخ. .
أثار انتباهي لهذا الأمر مشاهدتي لنفسي من خلال ذاكرتي الإسترجاعية
وهي الذاكرة التي تسترجع فيها أحداث معينة مرَّت بك
وكأنك تشاهدها بالعرض السينمائي البطئ أو ألمقطعي
و الذي من خلاله تري نفسك وما كنت تفعل في اللحظة التي تريد عرضها من الذاكرة المخزَّنة في دماغك ..
هذا بالضبط ما قمت بفعله,
استرجعت من ذاكرتي أفعالي لحظة الكتابة - الطريقة التي اشرب بها قهوتي - شرهي في التدخين - تطلبي الزائد عن حدَّه للمنبهات - الشاي والقهوة.
كنت أرى نفسي وأنا أكتب _ أحتسي الشاي وأمجُّ أنفاس لفافتي -
منفضتي ممتلئة حتى تناثر رمادها على لوحة مفاتيح حاسوبي
و في أرجاء المكان الذي وبفضلي جعلته يمرُّ بحالة فوضى عارمة
وهي تطابق فعلاً الحالة الذهنية والنفسيَّة الَّتي أمرُّ بها لحظة الكتابة
والتي سأجعل زوجتي عن غير قصدٍ تمرُ بها حانقةً بعد ذلك وهي تزيل آثار فوضاي من المكان .
المهم أنَّني كنت أتفرَّجُ علي مشهدٍ من فيلم أمريكي يتناول المؤلف فيه بين الفينة والفينة
رشفة من زجاجة خمرٍ صغيرةٍ مدسوسة في جيب معطفه المنزلي - (الروب ) لتحفيز حواسه علي الكتابة _
أي التعاطي من أجل ما يتعاطاه في تلك اللحظة وكأنه نوع من المقايضة بين الحافز والملكة الكتابية -
أو تخديراً لمشاعر الخوف من الإخفاق
أو مشاعر العقل في تخفيف جموح الرؤى المتدفقة بغزارة من مخيلته مترجمةً كانعكاسٍ عصبيٍّ
من أصابعه إلي آلته الكاتبة التي تصفع أحرفها وجه الصفحات وهي تملؤها بما تمليه أفكاره من كلمات,
أو ربما لتخدير حس الناقد أو الرقيب اللغوي الذي لا يخلو الأمر
من حتمية وجوده قابعاً في زاويةٍ من زوايا نفس الكاتب أو مخاوفه ...
ذلك الرقيب الذي اغتاله بعض الكتاب ...
ظناً منهم أنهم باغتياله سوف تخلو لهم الساحة ..
وتغمرهم الأضواء مما سارع بنهايتهم ...
لأنك باغتيال ضميرك فيك تكن قد اغتلت مقياس التوازن لديك
مما يفقدك قدرة التمييز والتثمين للبيئة وما يحيط بك –
وفجأة تهوى
وأنت في القمة - تقع فقط لأنك قد اغتلت ضميرك فوصلتها منتحراً
وذاك الذي اغتلته لم يعد موجودا في ذاتك ليرشدك أو يردعك
وتأخذك الصحوة بينما أنت تهوي
لتستفيق بكونك عشت وهما
وأن إرثك لم يكن سوى همهمة ..
من كلمات مبهمة ...
ليس في أسمالها فكر ولا في رائحتها إلا القيء الذي أفرغته أوهامك علي الورق ...
فتسقط من قمتك إلى المكب -
وتأتي يدُ القدر لتمسح قيأك عن .. ومِنْ أي صلةً لك بالأدب ..
فتعاطيك كان من أجل ما تتعاطي ..
وقد تعاطيت وهماً ..
وهذه دوما خاتمة الوهم -
صفعة من كفِِّ التاريخ الذي لا يداهن ...
وتجد أن الضمير الذي اغتلته في نفسك لم يغب عن الوجود ..
وإنما نفسك غابت ..
وأن ذاك الضمير الذي حرصت على قتله ...
هو من سار في جنازتك -
أو فلنقُل سار في جنازة وهمك –
تعاطوا الأدب الملتزم المؤمن بقضايا مصيرية
اقطعوا اليد التي تداهن الأعداء وتذكي الفتن الطائفية
هاجموا تجار الحروب والخراب والإباحية
والمخدرات والنفاق المعادي لنخوة وطننا ..
سَمُّوا ألأشياء بأسمائها ..
ارجعوا الكرامة لأمَّةٍ كانت في التاريخ رمزاً للنخوة ,
استيقظوا بالله عليكم أفيقوا فإنكم تواجهون واقعا أحلك مِنْ أسوأِ كوابيسٍكُم .
تعاطوا الشرف تعاطوا الصِّدق تعاطوا الحقد علي الأعداء و بيادقهم
اشتعلوا غضبا للأقصى.. للنبي .. لثارات يعرب تعاطوا الواقع وحاولوا
أَن توحِّدوا صفوفكم لمواجهة القادم ..
فالقادمُ أسوأ .
وتذكروا قول لقيط :-

((قوموا قياماً علي أمشاط أرجلكم ثُمَّ افزعوا

قد ينال الأمنَ مَنْ فَزِعا)) ...

أحمد بشير / بنغازي ليبيا

مشكور اخي احمد بشير

شكراً لك أخي الكريم أحمد على طرحك المميز

بالفعل نحن في حاجة ماسة إلى يقظة الضمير في كل شيئ

في تصرفاتنا وأفعالنا وحتى أقوالنا فقد تعاطينا الوهم حتى الثمالة

زائر

بنت الأجواد كتب:: شكراً لك أخي الكريم أحمد على طرحك المميز

بالفعل نحن في حاجة ماسة إلى يقظة الضمير في كل شيئ

في تصرفاتنا وأفعالنا وحتى أقوالنا فقد تعاطينا الوهم حتى الثمالة

شكراً لكِ أختي بنت الأجواد لا عدمناكِ هي الحقيقة أن أزمة الإستلاب الفكري والتيارات الغريبة عن معتقداتنا وجدت لها أقلاماً بيننا
تحارب أعرافنا وهذا الأمر يتطلب منا وقفةً جادّةً حتى نحجم التيارت الهجينة ونوقفها عند حدِّها
تحياتي ..

احمد بشير

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]